الفلسطينيون اتخذوا القرار، وقالوا كلمتهم، أن لا مهادنة في القدس إلا بتحقيق المطالب، وفعلاً كان لهم ما أرادوا، وأذعنت الغطرسة الصهيونية أمام عزيمتهم الصلبة، وحققوا نصرهم بأيديهم وبأيدي المؤمنين المرابطين، ومرّغوا أنف الاحتلال بالتراب، وارتد ذليلاً كسيراً يجر أذيال الخيبة، بعدما تحطم كبرياؤه على أبواب القدس. فالشعب قهر صولته، ودفعه مجبراً لسحب بواباته وجسوره وكاميراته التي نصبها لمنع الصلوات في المسجد الأقصى.
من كان الغدر شيمته والتجبر ديدنه لن يفي بعهده، وسينكث بوعده، هذه حال كيان تطبّع بالمخادعة فعاشها طبعاً وطبيعة تلازمه أينما حل أو ارتحل، فحجج «إسرائيل» الواهية لم تنطل على شعب خَبر غدرها على مر الأزمان، فإزالة «إسرائيل» للبوابات الإلكترونية الجاثمة على مداخل المسجد الأقصى المبارك، جاءت بحجة الاستجابة للمطالب الدولية، لكن في المقابل زرعت جسوراً وكاميرات متطورة شديدة الدقة، تعمل بالأشعة تحت الحمراء، أي أن الكيان الغاصب استعاض عن البوابات التي ثار عليها الفلسطينيون؛ لمساسها بسيادتهم وحريتهم في أداء عباداتهم في الحرم القدسي، بما هو أشد منها. لكن وتحت الضغط الشعبي، وإعلان النفير العام تبددت خطط الاحتلال، وانقلبت مؤامراته، وانقلب غباؤه عليه.
فالمكر الصهيوني وجبروته في الأقصى قابلهما أبناء الزيتون بإيقاد سرجهم بشهداء ومئات الجرحى خضبوا الأرض بدمائهم القانية؛ دفاعاً عن مقدساتهم، فالتحمت الأطياف الفلسطينية متراصة في صف واحد إزاء مؤامرات الاحتلال، فالجسد الفلسطيني واحد، يتقاسم مسلموه ومسيحيوه آلامهم وآمالهم، الله أكبر تصدح من كنيسة القيامة، ففلسطين الأم المكلومة أرضعت أبناءها الحب والتعاضد بين بعضهم.
«إسرائيل» حاولت أن تخادع، معتقدة أن أبناء الأرض الفلسطينية الذين رفضوا إجراءاتها سيرضخون لمكرها، وستنطلي عليهم حيلها، وسيقبلون أنصاف الحلول؛ لكن هيهات أن يقبل المقدسيون ومن خلفهم أبناء فلسطين ذلك، فأحلام الكيان تبددت على صخرة وعي وصمود الفلسطينيين، الذين طالبوا بإعادة الأمور إلى ما قبل الرابع عشر من يوليو/ تموز أي قبل وضع البوابات.
الاحتلال يحاول عبثاً أن يفرض وقائع جديدة على الأرض، وهو معني في هذه المرحلة بفرض كامل وصايته على المسجد القدسي؛ لذلك كانت نيته بالتقدم خطوتين نحو تهويد أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، لكن يقظة الشعب الفلسطيني وغضبه العارم على امتداد الأرض المحتلة أرغماه على التقهقر فتراجع خطوة واحدة؛ محاولاً احتواء مشاعر السخط الفلسطيني، كاسباً خطوة واحدة تتمثل بالكاميرات والتفتيش اليدوي للمصلين.
الأقصى وإن انتصر في هذه المعركة، إلا أنه الآن يواجه الحملات الشرسة لاقتلاعه، وتهويده، وتحويله لمعبد يؤدي فيه عتاة المتطرفين صلواتهم «التلمودية» الباطلة، والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان، ماذا أعدت أمة المليار ونصف المليار لمجابهة الاحتلال وردعه بشكل نهائي عن ذلك؟ وهل سيقتنع العرب بأن الكيان «الإسرائيلي» هو عدوهم الحقيقي وأن عليهم توحيد بوصلتهم تجاهه؟
الجمعة 28 تموز (يوليو) 2017
وانتصر الأقصى
علي قباجه
الجمعة 28 تموز (يوليو) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
22 /
2350485
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
43 من الزوار الآن
Visiteurs connectés : 20