في الحوار الذي أجرته إحدى محطات التلفزة العربية، قال الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو “أشعر بأني فلسطيني”، ثم تداعت على شفتيه بقية التوصيفات من أنه فلسطيني وعربي وأنه مع القضية الفلسطينية.
ليس “انتماؤه” هذا من باب المحاباة للفلسطينيين وللعرب، بل بمشاعر صادقة تختبئ فيها أحاسيس المظلومية الفلسطينية .. كأنما كل مظلوم في هذا العالم فلسطيني بالضرورة .. وكل مقاوم للظلم بأساليب مختلفة يحمل في روحه انتماء فلسطينيا.
نحتاج في هذا العالم الذي تمسك أميركا بتلابيبه، الاعتراف بهذا الإحساس المدوي .. لكننا نحتاج بالمقابل إلى اعتراف عالمي من أن إسرائيل صانعة هذا الظلم، وقد حصل بعضه، لكننا ما زلنا نحتاج إلى تعريف المأساة الفلسطينية بما حصل.
من المؤسف أن العواطف الإنسانية قد لا تكفي، كما أنها لا يمكن أن تتجاوز الإحساس، لا بد من تدبير إنساني داعم لهذه القضية بشتى الصور، كما حصل إبان العمل الفدائي بكل تراثه، حين وقف يابانيون وألمان ومن أميركا اللاتينية ومن بلاد العرب إلى جانبه وحملوا السلاح بكل جدارة، بل نفذوا أعمالا بطولية ما زال صداها وسيظل قائما.
إبان الهزيمة العربية في يونيو 1967، سأل الزعيم الكوبي فيدل كاسترو عن التقصير الإعلامي العربي في تقديم القضية الفلسطينية للعالم، وقال، إنه رغم قربه الشديد منها إلا أنه هو نفسه لم يكن على علم بتفاصيلها .. وكثيرون يومها فاجأتهم الهزيمة، وأبدوا استياءهم من ذاك الإعلام المقصر في توضيح الحقائق القلسطينية.
نحن في معركة ضد الصهاينة منذ أن احتلوا أرض فلسطين .. معركة تأخذ أشكالا من التنفيذ الفلسطيني الذي لم يتوقف .. هنالك دائما مواعيد فلسطينية ترسم يوميات الفضاء الفلسطيني الذي تكبر ممارساته يوما بعد يوم .. لا بد من العودة إلى فلسطين، حتى كتابات المؤرخين الإسرائيليين الجدد من أمثال إيلان بابه وبيبي موريس وغيرهما، تعلن الخطايا التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني.
هنالك إذن من يشعر أنه فلسطيني في هذا العالم وهو غير معني بهذه البقعة من الأرض، كلما ذكرت فلسطين ظهر لنا الإحساس الإنساني على حقيقته .. الرئيس الفنزويلي مادورو قال جملته تلك وهي التي تتلوها شفاه كل معذب ومضطهد ومسلوخ عن بلاده. مرة قال أحد الفلسطينيين لأحد الأصدقاء أنت تعيش في وطن، أما أنا فيعيش وطني السليب بي. في عصر الهويات والمتمسكين بها، الفلسطيني بلا هوية، قال لي يوما أحدهم، الخيمة هويتنا، بل قالها الشاعر محمود درويش يوم فارق المقاتلون الفلسطينيون بيروت إثر الاجتياح الإسرائيلي لها عام 1982، “بيروت خيمتنا الاخيرة”.
النكبة الفلسطينية خطيئة تاريخية تجثم على صدر العالم .. نسترجعها دائما وفي كل لحظة ونحن نرى الفلسطينيين في المخيمات، في تلك الزواريب التي تربت فيها أجيال وعاشتها انتظارا على أمل قديم متوارث بين الأجيال، التي حمل بعضها السلاح وقدم عرضا ثوريا من الصعب القول إنه انتهى بهذه الطريقة الدراماتيكية، وإن آلاف الشهداء سقطوا بلا نتيجة .. كان ذلك اختبارا لتاريخ، لكن الواقع يكاد يؤكد أن الثورة الفلسطينية المنتظرة لم تأتِ بعد وكل ما جرى في التاريخ الفلسطيني كان تجربة، بل مقدمة لها.
شكرا للرئيس الفنزويلي مادورو ولكل من يشعر بأنه فلسطيني إضافة إلى هويته الأولى.
السبت 16 شباط (فبراير) 2019
“أشعر أني فلسطيني”
السبت 16 شباط (فبراير) 2019
par
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
2037 /
2350485
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
43 من الزوار الآن
Visiteurs connectés : 23