ليست «عملية سلفيت» التي نفذها مقاوم فلسطيني ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه قرب مستوطنة «أريئيل» في شمال الضفة الغربية الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة، فالمشهد يتكرر منذ سنوات في المنطقة ذاتها، لكنها غير مسبوقة من حيث الفشل الاستخباراتي والأمني للاحتلال وشجاعة المنفذ وطريقة التنفيذ علاوة على الخسائر التي أوقعها في صفوف المحتلين.
بكل المقاييس، تمثل العملية نجاحاً فلسطينياً أكيداً لإرادة المقاومة وفشلاً ذريعاً لقوات الاحتلال وأجهزته الأمنية، ذلك أن العملية جاءت تتويجاً لسلسلة من العمليات التي نفذت في المكان ذاته تقريباً، وهو مفترق طرق، أو ما يسمى «دوار أريئيل»، رغم انتشار جنود الاحتلال ومستوطنيه المسلحين وكاميرات المراقبة في المكان، من دون أن تتمكن من رصد المنفذ أو تمنعه من الانسحاب، بعدما تمكن من طعن جندي والاستيلاء على سلاحه ثم إطلاق النار على الجنود الآخرين، قبل أن يواصل وتتحول عمليته إلى عملية مركبة ويسيطر على سيارة للمستوطنين، ويطلق من خلالها النار على ثلاث سيارات أخرى، مردياً أحد الحاخامات (توفي لاحقاً)، ثم يصل مفرق بلدة بروقين ويشتبك أيضاً هناك مع جنود الاحتلال ويصيب عدداً منهم قبل أن يختفي.
بهذا المعنى، فإن العملية غير مسبوقة من حيث الشجاعة واستخدام سلاح الاحتلال كأداة في تنفيذ العملية والانسحاب في نهاية المطاف، وهي تنم عن نضج المنفذ ووعيه واستفادته من العمليات السابقة التي وقعت في المكان ذاته، على عكس جنود الاحتلال الذين لم يبدو أي ردة فعل حينما توجه المنفذ إلى جنديين يحتميان خلف مكعبات أسمنتية وطعن أحدهما واستولى على سلاحه بحسب ما كشفته قناة «كان» العبرية. رد الفعل «الإسرائيلي» تمثل كالعادة في قيام قوات الاحتلال بإغلاق المنطقة الشمالية للضفة ونصب الحواجز على الطرقات وتفتيش القرى والبلدات الفلسطينية المنتشرة هناك بحثاً عن منفذ العملية.
صحيح أن العملية فردية، ولكنها تأتي امتداداً لسلسلة العمليات التي تميزت بها الضفة الغربية في السنوات الأخيرة، ما يعني أن عمليات المقاومة بشتى الوسائل في تصاعد مستمر، وأن عسف الاحتلال وجبروته وآلته القمعية لن تحول دون تنفيذ مثل هذه العمليات، خصوصاً أن المنفذين يدركون مسبقاً الإجراءات العقابية التي تنتظرهم وتطال عائلاتهم وربما البلدة التي يعيشون فيها بكاملها، وقد يكون هذا ما يؤرق الاحتلال ويدفعه لمضاعفة هذه الإجراءات.
لكن، على الجانب الآخر، فإن مثل هذه العمليات تعيد التوازن المفقود إلى المشهد الفلسطيني في ظل التنسيق الأمني مع الاحتلال واستمرار الرهان على صفقات التسوية الهادفة لتصفية الحقوق والقضية الوطنية، كما تراكم حالة النهوض في الضفة وإحياء خيار المقاومة وإعادة الاعتبار للبرنامج الوطني والكفاح الشعبي سبيلاً لمواجهة صفقات التسوية، واستعادة الأرض والحقوق الوطنية المشروعة للفلسطينيين.
الخميس 21 آذار (مارس) 2019
«عملية سلفيت» تصدم الاحتلال
الخميس 21 آذار (مارس) 2019
par
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
2761 /
2350485
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
43 من الزوار الآن
Visiteurs connectés : 20