منذ وقع «الانقلاب التاريخي» الذي قاده الزعيم الصهيوني الإرهابي مناحيم بيغن في العام 1977، ونحن نردد عبارة صارت مملة: «الحكومة الجديدة أكثر تطرفاً» من كل ما سبقها! أيضا، صار الحديث يدور حول «الانزياح اليميني» في المستويين السياسي والمجتمعي «الإسرائيليين»، دون أن يغير ذلك إيجابياً من مواقفنا أو استعداداتنا لمواجهة ذلك التطرف وهذا الانزياح داخل دويلة الاحتلال.
بعد انتخابات الكنيست الأخيرة، ترددت العبارات والأوصاف نفسها حول طبيعة الحكومة الخامسة التي سيشكلها نتنياهو، في ظروف هي الأسوأ من حيث المواقف والأوضاع العربية والفلسطينية، وفي ضوء المواقف الأمريكية «الأكثر انحيازاً» لهذا الكيان بعد قرارات الرئيس الخامس والأربعين: دونالد ترامب!
والسؤال المطروح الآن: ماذا بعد؟
«إسرائيلياً»، يجري نتنياهو اتصالات لضم بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة لحزبه (الليكود)، ليقوي ائتلافه. وكان رئيس الدويلة، ريفيلين، اقترح أن يشكل نتنياهو «حكومة وحدة وطنية»، لأنه في رأيه «لدينا هدف واحد: الرفاهية والازدهار والأمن والقدرة الاجتماعية على الاستمرار في الوجود، حتى في خلافات الرأي التي كانت موجودة طوال تاريخ الصهيونية خلال مئة عام الماضية»! لكن مقابل هذا الصوت «الفريد» من نوعه، تتفق الأغلبية على أنه لا حاجة لحكومة «الوحدة الوطنية»، ولا توجد الظروف التي تفرضها كما كانت تفرضها في السابق، ولا مصلحة لأي من «الائتلافين» الكبيرين فيها، كما يرى محللون «إسرائيليون».
ومن الواضح أن نتنياهو لا يواجه مشاكل خارجية حقيقية، لا مع العرب بدليل الهرولة الجارية للتطبيع، ولا مع الفلسطينيين المنقسمين والمنشغلين بمناكفاتهم. ولكن كما يرى البعض، يمكن الحديث عن «مشكلة» مع إيران، وهذه يحلها نتنياهو ب«توظيفات خارجية»، عربية مرة وأمريكية مرة، لكنها في كل الأحوال لا تصل إلى الحرب، وإن وصلت أحياناً إلى التهديد بها. وتبقى مشكلات نتنياهو داخلية، ومع حلفائه أساساً وليس مع غيرهم، وهذه يتم حلها بالمساومات والمقايضات، والطرق «اليهودية» المعهودة!
وفي رأي أحد المحللين «الإسرائيليين» الكبار، ألوف بن، فإنه سيكون لحكومة نتنياهو الخامسة هدفان رئيسيان: إزاحة لوائح الاتهام بالفساد التي ما زالت تهدده، وضم المستوطنات (والبعض يقول الضفة)، في صيغة «الحصانة مقابل السيادة»!
فلسطينياً، وفي أحدث تصريح لرئيس الحكومة الفلسطينية الجديدة، الدكتور محمد اشتية، جاء قوله: إن «حكومته مستعدة لاتخاذ قرارات تتعلق بالعلاقة مع «إسرائيل»! دون أن يفصح عن طبيعة تلك القرارات، علماً بأنه سبق للمجلس المركزي لمنظمة التحرير أن اتخذ هذه القرارات دون أن توضع موضع التنفيذ! لكن الرئيس محمود عباس صرح قبل أيام بأن «نتنياهو لا يريد السلام»! وقال معلقاً على «الصفقة» الأمريكية: «لم يتبق شيء من صفقة القرن يعطونا إياه»! بمعنى أن كل بنودها نفذت! والأهم من تصريح اشتيه، ومن التصريح الأخير للرئيس عباس، ما سبق للأخير أن أعلنه في لقاء متلفز مؤخراً، حيث قال بالحرف: «عندما نختلف مع «إسرائيل»، نشكوها إلى الله أولاً، ثم للأمم المتحدة، وهذا ما نقدر عليه ولا نستطيع غيره»!!
الغريب واللافت أن السلطة الفلسطينية كانت تراهن على انتخابات الكنيست الأخيرة، وكانت تنتظر أن يفوز المعارضون لنتنياهو، وكأن هؤلاء لو فازوا لكانوا مختلفين عن نتنياهو! وجاءت نتائج الانتخابات لتخيب آمالهم، بعد أن أظهرت الحملات الانتخابية أن غانتس ليس أقل سوءاً أو تطرفاً بالنسبة للفلسطينيين من نتنياهو، حيث حاول أن يزاود عليه لجهة التطرف بالتحديد!
المشكلة أن «قدرة» سلطة رام الله تتجلى في حديثها وتصرفاتها ضد (حماس) وغزة. هنا لا تتذكر هذه السلطة «قدرة الله»، وتكتشف أن لديها من «القدرة» ما يجعلها تنفذ قراراتها ذات الصلة قبل الإعلان عنها! والحقيقة أن الذين غاصوا في وحل (أوسلو) قبل ربع قرن، لن يستطيعوا الخروج من هذا المستنقع بإرادتهم، وعلى الذين يريدون حقاً الخروج منه أن يقتنعوا بأنه لا يصلح آخرهم إلا بما صلح به أولهم، مع الاستفادة من التجربة التي امتدت أكثر من سبعين عاماً...
السبت 27 نيسان (أبريل) 2019
ما بعد الانتخابات «الإسرائيلية»
السبت 27 نيسان (أبريل) 2019
par
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
2303 /
2350485
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
43 من الزوار الآن
Visiteurs connectés : 25