السؤال الذي يفرض نفسه بعد صخب إعلان سلطة رام الله عن توقيعها اتفاقية سيداو الاسبوع الماضي بدون تحفظات هو التالي: أين تريدون الوصول بما تبقى من النسيج الاجتماعي الفلسطيني وأين تريدون الوصول بالمرأة الفلسطينية؟
تحاول جهات عديدة فلسطينية نسوية وحزبية وخاصة في متبقيات اليسار الفلسطيني الايحاء بأن هذا التبني لهذه الاتفاقية هو تعبير عن مرحلة متقدمة لنضال المرأة ومساواتها مع الرجل، علما ان المرأة والرجل كليهما دون حماية من أي نوع كان إزاء انتهاكات الاحتلال اليومية لحقوقهما ولانسانيتهما على حد سواء، أما كان الأولى هو المطالبة بهكذا عنوان حماية أولا؟
يبدو أن شروط التمويل التي أصبحت هاجسا للمؤسسات والمنظمات إياها قد موضعت هذه الاتفاقية ضمن أجنداتها، وإن كان الأمر كذلك فيحق للمتابع أن يتساءل ترى ما هي الاشتراطات القادمة؟
لكن قبل ذلك هناك كومة من الأسئلة المحقة يحسن أن نضعها هنا برسم هذه الألسن المنفجرة بالتسبيح بحمد هذه الاتفاقية واشتراطاتها ووضعها كأنها فتحاً أعظماً للمرأة وحقوقها:
طالما تم التوقيع ودخلتم في ثمار هذه الاتفاقية، كم ملفاً جرى انهاؤه لدى القضاء والمحاكم لصالح قضايا المرأة في الميراث والخلع وما حولها؟
في أهم حقوق المرأة بمواطنة أطفالها، بمنح المرأة جنسيتها لأولادها ، فهل تستطيع السلطة الفلسطينية منح الجنسية إذن لهؤلاء الأطفال دون موافقة« اسرائيل» ومباركتها!؟
هل سن قوانين الحرية الجنسية والحمل خارج الزواج وإباحة الاجهاض على عواهنه وتسهيل الشواذ والمثلية الجنسية هي الروافع الحقيقية للمجتمعات العربية والاسلامية أم هي الفخاخ التي حرصت اسرائيل قبل سيداو وبعد سيداو أن ترعاها عندنا أو تطلق لها العنان؟
اتقوا الله في مجتمعاتكم فهي تحتاج اللحمة والتكاثف لا التفكيك والتخريب باسم التقدم الموهوم، ثم هل سألت الاتفاقية هذه المرأة الفلسطينية ما هي أكبر همومها وما هي أحلامها الحقيقية في وطنها الذي يقرضه الاحتلال شبرا شبرا ؟
ثم إن سؤال الأسئلة كان ولا زال :هل الحلول المجتمعية لمشكلاتنا لا بد وان نستوردها من الخارج!؟ اين الطاقات الذاتية لبناء المجتمع!؟
سيداو تقول انها تعطي للمرأة حقوقها بمساواتها مع الرجل ضاربة عرض الحائط بكل خصوصية تتعلق بالمرأة ؛ وغير مكترثة بأن أهم ما يميز المرأة هو أنوثتها ،والمرأة تريد العدالة وشتان بين العدالة والمساواة ومعانيهما وما تفترضانه ويترتب عليهما.
سيداو ليست« الدين الجديد» لشعبنا العظيم ولن تكون ، لكنها ربما هي كذلك لذلك «الفلسطيني الجديد» الذي بشرت به امريكا....